تتميز الكواكب الداخلية بأنها جميعاً كواكب صخرية (أي أنها تتألف بشكل رئيسي من السيليكات والمعادن)، حتى القسم الداخلي من حزام الكويكبات يتألف من المواد الصخرية. وتتميز أيضاً بأنها جميعاً قريبة من الشمس ومن بعضها بعضاً مقارنة بالكواكب الخارجية، فنصف قطر النظام الشمسي الداخلي بأكمله هو أقل من المسافة بين كوكبي المشتري وزحل. كما أنه - وأيضاً بالمقارنة مع الكواكب الخارجية - فالكواكب الداخلية قليلة الأقمار عموماً (فلا توجد في النظام الشمسي الداخلي سوى ثلاثة أقمار: واحد للأرض واثنان للمريخ)، وهي جميعاً لا تملك أية أنظمة حلقات على عكس الخارجية. ثلاثة من هذه الكواكب تملك أغلفة جوية ذات أهمية، وهي الزهرة والأرض والمريخ.[60][61]
عطارد:
عطارد هو أقرب الكواكب إلى الشمس، وهو أيضاً أصغرها حيث يَبلغ قطره خمسي قطر الأرض (أصغر من الأرض بحوالي 60% وأكبر من القمر بحوالي 30%). عطارد والزهرة هما الكوكبان الوحيدان اللذان لا يَملكان أي أقمار. ربما يُشبه هذا الكوكب القمر من عدة نواحٍ، فكلاهما لا يَملك أي غلاف جوي تقريباً، وسطحاهما قديمان جداً وكثيرا الفوهات، وكلاهما لا يَملكان صفائح تكتونية على ما يَبدو. كما أن عطارد يُظهر أطواراً كالقمر أثناء دورانه حول الشمس (كما يَبدو للراصد من الأرض)، وذلك نتيجة لأنه يَقع داخل مدار الأرض.[62] عطارد هو كوكب خامل جيولوجياً في الوقت الحاضر، والآثار الجولوجية الوحيدة عليه هي بعض آثار البراكين التي تدفقت على سطحه قليلاً في أيامه الأولى، أما عدا عن ذلك فلا يُوجد عليه شيء. كما أنه لا يَملك غلافاً جوياً تقريباً، مما يَعني أنه خامل طقسياً أيضاً. لكن من المثير للاهتمام في عطارد العثور على دليل على وجود جليد قرب قطبه، وهذا بالرغم من حرارته الشديدة، لكن الجليد يَقبع في قعر الفوهات العميقة التي لا يَصل إليها ضوء الشمس أبداً.[63] بسبب قرب عطارد من الشمس ووهجه القوي فإنه على الأغلب ما تكون رؤيته صعبة من الأرض بدون مقارب، لكن في أوقات محددة من السنة يُمكن أن يُرى قريباً من الأفق بعد الغروب أو قبل الشروق مباشرة، وحينها يُمكن رؤيته بالعين لكن بصعوبة.[64]
صورة لكوكب الزهرة.
الزهرة:
الزهرة هو ثاني أقرب الكواكب إلى الشمس بعد عطارد، وهو كثيراً ما يُسمى بـ"توأم الأرض" لأن الكوكبين متشابهان جداً في الحجم والكتلة، كما أنه أقرب الكواكب إلينا. الزهرة - كما يُرى من الأرض - هو أسطع جرم في السماء بعد الشمس والقمر، أي أنه ألمع من جميع النجوم والكواكب الأخرى. يُظهر الزهرة - كما يَبدو للراصد من الأرض - أطواراً كالقمر أثناء دورانه حول الشمس، وهو يَبدو كذلك نتيجة لأن مداره يَقع داخل مدار الأرض. الزهرة - على عكس جميع الكواكب الأخرى - يَدور حول نفسه من الشرق إلى الغرب، أي أن الشمس عليه تشرق من الغرب.[65] لا يَملك الزهرة أية أقمار، مثله في ذلك مثل عطارد. هناك طبقة سميكة من السحب في جوه، تسبب ظاهرة البيت الزجاجي بشكل قوي، مما يَجعله ساخناً جداً،[66] حيث تتجاوز درجة حرارته السطحية 400ْ مئوية، وبهذا يُصبح أسخن الكواكب في كافة النظام الشمسي، وهو أسخن حتى من عطارد الذي يَقع أقرب إلى الشمس.[67]
الأرض:
الأرض هي ثالث الكواكب بعدا الشمس، وأكبر الكواكب الداخلية حجماً، حيث يتجاوز قطرها الزهرة ببضعة مئات من الكيلومترات.[68] الأرض هي الكوكب الوحيد المعروف في الكون حتى الآن الذي توجد عليه حياة، وذلك لأنها تقع على بُعد مناسب من الشمس ولأنه يُوجد عليها الماء الضروري لوجود الحياة، وهو يُغطي معظم سطحها. تملك الأرض قمراً واحداً فقط، وهو ما نُطلق عليه عادة القمر فقط بما أنه قمرنا الوحيد، وقطره يَبلغ ربع قطرها.[69] تملك الأرض غلافاً جوياً جيداً، توجد فيه سحب ورياح وبرق إضافة إلى بعض الظواهر الجوية الأخرى. كما أن الأرض تتميز بين الكواكب الصخرية بامتلاكها لغلاف مغناطيسي يَحمي غلافها الجوي من جسيمات الرياح الشمسية.[70] توجد مظاهر جيولوجيّة مختلفة على سطح الأرض، وهي بشكل رئيسي الحمم البركانية وحركة الصفائح التكتونية والتعرية (عن طريق الرياح والماء والجليد إلخ..) والاصطدامات المولدة للفوهات (عن طريق أجرام النظام الشمسي الصغيرة)، والأرض نشطة جيولوجياً بشكل كبير في الوقت الحاضر (على عكس الكواكب الأخرى).[71]
المريخ:
المريخ هو رابع أبعد الكواكب عن الشمس، وجار الأرض المشهور بكونه الكوكب الحي الآخر. يَظهر المريخ في سماء الأرض كقرص برتقالي-مُحمَر لامع. توجد دلائل قوية على أن الماء كان يتدفق في يوم ما على سطح المريخ، بما في ذلك آثار الخنادق والقنوات والأودية التي يُعتقد أنه قد حفرتها المياه. كما أنه قد عثر على دليل في أحد النيازك التي وصلت إلى الأرض من المريخ على وجود حياة عليه، لكن ما زال الجدل قائماً بشأن مدى صحة هذا الدليل. وأيضاً هناك العديد من الآثار لنشاطات بركانية في الماضي على سطح الكوكب، إضافة إلى العديد من الفوهات الاصطدامية الضخمة. ومع أن غلافه الجوي قليل الكثافة مقارنة بالأرض، إلى أنه كاف للسماح بتكون السحب والرياح إضافة إلى العواصف الرملية على السطح.[72] يَملك المريخ أيضاً قطبين متجمدين تماماً كقطبي الأرض، وتتغير مساحتهما مع مرور الفصول (الموجودة أيضاً على ذلك الكوكب). هذا الشبه كله بالأرض هو ما يَدعو العديدين للاعتقاد بوجود حياة على هذا الكوكب بشكل خاص، وللترويج إليه كثيراً على أنه كوكب المخلوقات الفضائية. يَملك المريخ قمرين (فوبوس وديموس)، مع أنهما لا يُشبهان قمر الأرض أبداً، فهما أصغر بكثير منه وأشكالهما غير منتظمة.[73]
صورة حقيقية لأكبر الكويكبات سيريس، التقطها تلسكوب هبل الفضائي.
حزام الكويكبات:
حزام الكويكبات هو منطقة النظام الشمسي التي تقع بين كوكبي المريخ والمشتري، وهي تتشكل من آلاف الكويكبات متنوعة الأحجام، حيث يَتراوحون في القطر مما يُقارب ألف كيلومتر إلى حجم ذرات الغبار. نصف كتلة الحزام تقريباً تتألف من سيريس وفيستا وبالاس وحدهم، وأولهم هو أكبر الكويكبات والكوكب القزم الوحيد في الحزام حيث تبلغ كتلته ربع إجمالي كتلة المنطقة.[74] يُقدر إجمالي عدد الكويكبات في الحزام التي تملك قطراً أعلى من كيلومتر واحد بسبعمائة وخمسون ألف، وهناك ملايين الأجسام الصغر من ذلك.
ليس من المُثبت بعد كيف تكون حزام الكويكبات، لكن يُعتقد أنه بقايا من قرص كوكبي أولي لكوكب ما لم يُتم تكونه (ربما بسبب جاذبية المشتري).[61] وقد أرسلت القليل من المركبات لاستكشاف هذه المنطقة، والمعلومات عنها ليست كثيرة بعد، لكن معظم المعلومات عنها تأتي من النيازك التي سقطت على سطح الأرض والتي قد تكونت ضمن الحزام.[74] ويُعتبر هذا الحزام هو الفاصل ما بين القسمين الداخلي والخارجي من النظام الشمسي.[60]